~ نحن لا ندعوك إلى أن تصبح ,

هندوسيًا أو يهوديًا أو أن تصبح مسلمًا أو مسيحيًا،

نحن هنا لنساعدك لتصبح ~ متدينًا تقيًا ~

♪ ♫~

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014

الحب في فلسفة ايريك فروم...4...

ه_ الحب الجنسي

 اذا احببت أخي، فإنني أحب جميع إخوتي، وإذا أحببت طفلي فإنني أحب جميع أطفالي بل إنني أحب جميع الأطفال. وعلى عكس نمطَيْ الحب هذين يكون الحب الجنسي، إنه سعي للاندماج الكامِل، للاتحاد مع شخص آخَر. وهو بطبيعَته قاصِر على شخص وليس مطْلَقًا، وربّما كان هذا الحب أشد أنواع الحب خداعًا...


عند معظَم الناس الحميمية تقوم أساسًا من خلال العلاقة الجنسية. ولما كانوا يعيشون انفصال الشخص الآخَر أساسًا كانفصال جسماني، فإن الاتحاد الجسماني يعني قهر الانفصال. ولكن كل هذه الأنواع من القربى تميل إلى النقصان أكثر بمرور الزمن. والنتيجة هي أن يبحث الواحد عن الحب مع شخص جديد، مع غريب جديد. ومرة أخرى يتحول الغريب إلى شخص "حميم"، مرة أخرى تشتد وتتضاعَف تجربة الوقوع في الحب، ومرة أخرى تقل الشدة على نحو بطيء، وتنتهي بالرغبة في انتصار جديد، حب جديد – ودائمًا مع وجود الوهم أن الحب الجديد سيكون مختلِفًا عن حالات الحب السابِقَة. ويساعِد على هذه الأوهام طابع الرغبة الجنسية الخادِع.


ولما كانت الرغبة الجنسية  

وهي التي تهدف إلى الاندماج في عقول معظَم الناس مقترَنَة بفكرة الحب، فهم يخطئون عندما يتوصلون إلى أنهم يحبون بعضًا عندما يشتهون بعضهم جسمانيًا. يمكن للحب أن يلهِم الرغبة في الوحدة الجنسية... فإذا لم يكن الحب هو الذي يبعَث الرغبة في الاتحاد الجسماني، وإذا لم يكن الحب الجنسي أيضًا حبًا أخويًا فإن هذه الرغبة لا تفضي إطلاقًا إلا إلى وحدة لا تزيد عن الشعور المؤقت العابِر...

الحب الجنسي استثناء، لكنه يحب في الشخص الثاني البشرية جمعاء وكل ما هو حي. إنه ليس استثناء إلا بمعنى أنني أستطيع أن أدمج نفسي على نحوٍ كامِلٍ وشديد بشخص واحِدٍ فقط. الحب الجنسي لا يستبعِد الحب للآخَرين إلا بمعنى الاندماج الجنسي، الالتزام الكامِل لجميع جوانب الحياة – ولكن ليس بمعنى الحب الأخوي العميق.


الحب الجنسي، لو كان حبًا، له مقدمة واحدة، إنني أحب من جوهر وجودي وأعيش الشخص الآخَر في جوهر وجوده أو وجودها. ومن الناحية الجوهرية نجد أن كل البشَر متماثِلون. إننا جميعًا جزء من الواحِد، إننا الواحِد، وهكذا يجب أن يكون الحب جوهريًا فعلاً للإرادَة، للقَرَار الخاص بإلزام حياتي تمامًا لحياة هذا الشخص..فإذا تم الزواج، فيجب على فعل الإرادة أن يضمن استمرار الحب.



و_ حب الله :


إن الجانب الأبوي يجعلني أحب الله كأبٍ، إنني أفترِض أنه عادِل وصارِم، وأنه يعاقِب ويكافئ، وأنه سيحدث أن يختارني كابنه المحبوب.


وفي الجانب الأمومي للدين أحب الله كأم تحتضِن الجميع. إن لدي إيمانًا بحبها إنها سوف تحبني، إنها لن تفضِّل أحدًا آخَر من أولادها عليَّ، ومهما يحدث لي سوف تنقذني وسوف تسامحني.


يصبح الله بالنسبة للشخص المتدين حقًا رمزًا فيه يعبر الإنسان في مرحلة مبكرة من تطوِّره عن الشمولية التي يسعى إليها الإنسان، مملكة العالَم الروحي، مملكة الحب والعدل والحق.


من وجهات النظَر الهندية والصينية والصوفية لا تكون المهمة الدينية للإنسان هي التفكير الحق، بل السلوك الحق، أو أن يتحد المرء مع الواحِد في فعل التأمل المركز.


يبدأ الطفل بالتعلُّق بأمه باعتبارها "أساس الوجود كله". إنه يشعر بالعجز وهو يحتاج إلى حب الأم المحيط الشامِل. ثم حينئذ يستدير إلى الأب باعتباره المركز الجديد: باعتباره المبدأ المرشِد للعَدْوِ والعمَل. وفي هذه المرحلَة يمتلئ بدافع الحاجة إلى اكتساب ثناء الأب وتجنب ضرره. وفي مرحلة النضج الكامل يحرر نفسه من شخص الأم وشخص الأب باعتبارهما قوتي الحماية والأمر. إنه يكون قد أنشأ مبدأي الأمومَة والأبوة في نفسه. لقد أصبح هو أباه وأمه. إنه الأب والأم. وفي تاريخ الجنس البشري نرى  ويمكننا أن نتنبأ بالتطور نفسه: في البداية يكون حب الله مثل التعلق العاجز بالربة الأم. ومن خلال التعلق المطيع للإله الأب، ينتقِل إلى مرحلة ناضجة يكف فيها الله عن أن يكون قوة خارجية، حيث يكون الإنسان قد جسَّد مبدأي الحب والعدل في نفسه، حيث أصبح متحدًا مع الله إلى درجة لا يتحدث فيها عن الله إلا بشكل شعري رمزي.


ومن هذه الاعتبارات يترتب أن حب الله لا يمكن أن ينفصِل عن حب الإنسان لوالديه. فإذا لم يخرج الإنسان من التعلُّق الشديد بالأم والقبيلة والأمة، إذا تمسَّك بالاعتماد الطفولي على الأب المعاقِب والمثيب أو أية سلطة أخرى فإنه لا يستطيع أن ينمِّي حبًا أكثر نضجًا لله، وعندئذ يكون دينه هو تلك المرحلة المبكرة من الدين التي يعاش فيها الله كأم شامِلَة الحماية أو كأب يعاقِب ويثيب.


يحتفظ كل إنسان في داخِلِه، في لاشعوره، كما أوضح فرويد، بجميع المراحل ابتداء من الطفل العاجِز إلى ما بعد ذلك. والمسألة هي إلى أي حد قد شب. هناك شيء واحد مؤكد إن طبيعة حبه لله تتفق مع طبيعة حبه للإنسان، وزيادة على ذلك، إن الصفة الحقيقية لحبه لله والإنسان غالبًا ما تكون لاشعورية مغطاة ومرتبطة بفكرة أكثر نضجًا عما هو حبه. زيادة على ذلك، إن حبه للإنسان وهو يتجسَّد مباشرة في علاقاته بأسرته هو في التحليل الأخير  إنما يتجدد ببناء المجتمع الذي يعيش فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.